إن تجديد الوعي يعني السعي المستمر إلى اكتشاف توازنات جديدة داخل فكرنا وثقافتنا بما يدعم وجودنا القيمي، وبما يعزز فاعليتنا وأداءنا في طريق النهوض الشامل.
نظّم مركز الصفوة للدراسات الحضارية لقاءً فكريًا ضمن برنامج "القراءة الفاعلة" يومي الخميس والجمعة، 29 و30 أيار 2025، خُصص لمناقشة كتاب "التراث وإشكالاته الكبرى" للمفكر الدكتور جاسم السلطان، بمشاركة ثلة من القرّاء الذين قدّموا قراءات تحليلية وتفاعلية لأفكار الكتاب ومحاوره الثلاثة.
تشير دراسات علم الاجتماع التربوي إلى أن أكثر من 70% من مشاريع التغيير المجتمعي تفشل بسبب غياب التهيئة النفسية والفكرية للأفراد المشاركين فيها (وفقًا لتقرير جامعة ستانفورد حول ديناميات التحول المجتمعي، 2022). كما تُظهر مراجعة بحثية في مجلة "Journal of Social Change" أن أهم محدد لنجاح التحولات المجتمعية هو الوعي الذاتي لدى الأفراد المشاركين، بنسبة تأثير تبلغ 62%.
مضى على امتنا في العصر الحديث قرنان على الأقل من محاولات الإصلاح والتجديد والنهضة، ولكن لم تحقق أمتنا نهضتها الحضارية بعد، بل مازالت أمتنا على هامش الأمم، ودولنا في ذيل ترتيب دول العالم من حيث القوة والمنعة والتقدم الصناعي والتقني والاقتصادي ومن حيث القوة العلمية ومستوى الحياة الاجتماعية التي تحقق الكرامة لأبنائها وبناتها. واليوم، وفي زمن التحولات العاصفة، والمآزق البنيوية التي تعيشها مجتمعاتنا العربية والإسلامية، تبرز الحاجة إلى إعادة التفكير في سؤال النهضة من جذوره. لأننا كما سبق القول لا تزال شعوبنا ترزح تحت أعباء التخلف، وقيود الاستبداد، وآفات الفساد، رغم السعي الحثيث من نخبها الإصلاحية إلى تغيير الواقع، والخروج من دائرة التخلف والهامشية، نحو الحرية والكرامة والتقدم. لكن، ومع تكرار محاولات الإصلاح والتغيير، وتجارب النهوض، يظهر سؤال حادّ ومؤرق: لماذا لا يتغير واقعنا؟ لماذا تفشل محاولات التغيير، أو تنحرف عن مسارها، أو تُجهض قبل أن تثمر؟
ما الذي نقصده بمصطلح أمة وبماذا يختلف عن الدولة؟ ومن أول من أعطاه مدلولا سياسيا؟ وكيف أحاط العرب والمسلمون أنفسهم بوهم خُط بالقلم فأصبح مقدسا وقاتلا؟
في هذه الحلقة، يستعرض د. جاسم سلطان مفهوم الدولة في الفكر العربي والإسلامي الحديث، ويناقش الدور المعقّد للدولة، وتأثيرها في قضايا البناء والنظام. يركّز النقاش على تباين الفهم بين نماذج الدولة التقليدية والمعاصرة، وأهمية تكوين وعيٍ مشتركٍ حول دور الدولة وأهدافها في الزمن الحالي.
في اللّقاء الأول لدورة "منتظم الدولة"، يقدّم د. جاسم سلطان لمحةً تعريفيةً عن مفاهيم أساسيةٍ حول الدولة ومكانتها في الفكر العربي والإسلامي. ويوضّح التحديات المرتبطة بفهم الدولة وضرورة تطوير الوعي العربي بأبعادها، ويدرس كيفية تأثير تأسيس الدولة وإدارتها على المجتمع. ويناقش في اللّقاء أيضًا أهمية تبسيط المفاهيم المعقَّدة لتقريبها إلى الشباب، وتقديم إطارٍ شاملٍ يساعدهم في استيعاب أدوار الدولة الحديثة ومؤسَّساتها، مع التركيز على تطبيقاتٍ واقعيةٍ ودراساتٍ تحليليةٍ.