التفكير السُّنَنِي ومنهجيات الإصلاح والتغيير والنهوض الحضاري
تُعدُّ السُّنَنِية إحدى الخصائص الجوهرية التي تُميز الرؤية القرآنية للعالم، إذ تتأسس على مبدأ أن حركة الكون والإنسان والاجتماع تخضع لقوانين إلهية ثابتة لا تحابي أحدًا. وقد بسط القرآن هذه السنن في مجالات متعددة، سواء في التكوين الطبيعي، أو الإنساني، أو العمران البشري، أو في سنن النصر والهزيمة والتمكين والسقوط والتدافع والتداول، وغيرها. وقد أكد القرآن على ثبات هذه السنن بقوله: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ (الأحزاب: 62)، وقوله: ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا﴾ (الإسراء: 77). وهي تأكيدات تُثبت أن التاريخ لا يسير اعتباطًا، ولا يخضع للمصادفات، بل يتبع قوانين دقيقة يمكن قراءتها وفهمها واستثمارها في عمليات الإصلاح والتغيير والنهضة الحضارية.