التوقعات العالمية للتوظيف والواقع الاجتماعي

التوقعات العالمية للتوظيف والواقع الاجتماعي

التوقعات العالمية للتوظيف والواقع الاجتماعي: تحديث مايو 2025
International Labor Organization (ILO )


لتحميل التقرير وقراءته باللغة الإنكليزية، الرجاء النقر على الرابط التالي: 
https://tinyurl.com/5yhvh54j


ملخص: 
1. الآفاق الاقتصادية والاجتماعية العالمية لعام 2025 تحت ظل حالة عدم اليقين
يشير التقرير إلى أن النمو الاقتصادي العالمي لعام 2025 يتسم بالهشاشة والتباطؤ، حيث تم تعديل توقعات النمو العالمي إلى 2.8% مقارنة بـ3.2% سابقًا، نتيجة لتزايد التوترات الجيوسياسية، واضطرابات التجارة، وعدم اليقين الاقتصادي. هذه البيئة المعقدة تؤثر بشكل مباشر على أسواق العمل، حيث من المتوقع أن يتراجع نمو التوظيف من 1.7% إلى 1.5%، ما يعني خلق 53 مليون فرصة عمل فقط، مقارنة بتوقعات سابقة بلغت 60 مليون. تترافق هذه التحديات مع استمرار الضغوط التضخمية، رغم انخفاضها النسبي، ما يحد من قدرة السياسات النقدية على التخفيف. كما أن ارتفاع الحواجز التجارية وتعقيدات سلاسل الإمداد تضيف أعباء على النمو الاقتصادي، مما يشير إلى بيئة اقتصادية أكثر تحديًا تستوجب استجابات مرنة من صناع السياسات.
2. سوق العمل العالمي: المرونة مع مؤشرات تراجع الطلب على العمالة
يظل سوق العمل عالميًا مرنًا نسبيًا مع استمرار معدلات البطالة منخفضة في البلدان ذات الدخل المرتفع، رغم تسجيل انخفاض في مؤشرات الطلب على العمالة مثل تراجع الوظائف الشاغرة وثقة الأعمال والمستهلكين في بداية 2025. هذا التناقض يشير إلى تحوط أرباب العمل تجاه التوظيف الجديد، مع الحفاظ على قوة العمل القائمة، مما قد يؤدي إلى تباطؤ في خلق فرص العمل الجديدة مع احتمالات زيادة في عدم اليقين في بعض الدول النامية التي قد تواجه ارتفاع البطالة أو زيادة في العمل غير الرسمي. هذه الظاهرة تعكس تحديات متزايدة في توازن العرض والطلب في أسواق العمل على خلفية عوامل اقتصادية وسياسية معقدة.
3. تأثير السياسات التجارية والحمائية على سوق العمل والنمو الاقتصادي
أثرت سياسات التجارة الحمائية، خاصة الإجراءات الأمريكية في 2025 التي فرضت تعريفات جمركية متبادلة عالية على واردات من دول آسيا، بشكل كبير على المشهد الاقتصادي العالمي، مما قد يؤدي إلى تقلص حجم التجارة العالمية وبطء في النمو. هذه السياسات أدت إلى إعادة تقييم الشركات لسلاسل التوريد مع مخاطرة استبعاد الاقتصادات الصغيرة بسبب ارتفاع تكاليف الانتقال. كما انعكست هذه التطورات على الاقتصاديات الإقليمية، حيث شهدت الأمريكيتان تباطؤًا في النمو وتفاوتًا في سوق العمل، بينما تعاني أوروبا وآسيا وأفريقيا من تحديات مختلفة مرتبطة بالاستقرار الاقتصادي والتجارة، مما يبرز الحاجة إلى استراتيجيات تنموية تعزز التنوع الاقتصادي والاعتماد على الطلب المحلي والإقليمي.
4. التوظيف العالمي وتوقعات النمو في ظل التباطؤ الاقتصادي
يرتبط التراجع المتوقع في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2025 بتباطؤ في زيادة فرص العمل، حيث تشير التقديرات إلى انخفاض نمو التوظيف إلى 1.5%، ما يعادل 53 مليون وظيفة جديدة، بتراجع 7 ملايين وظيفة عن التوقعات السابقة. هذا الانخفاض في فرص العمل يثير القلق في ظل وجود فجوة وظيفية عالمية تصل إلى 407 ملايين شخص يبحثون عن عمل. يتركز هذا التأثير بشكل أكبر في المناطق التي شهدت أكبر انخفاض في النمو الاقتصادي، مثل الأمريكيتين وأوروبا وآسيا الوسطى، مع استمرار نمو الوظائف في آسيا وأفريقيا لكنه بوتيرة أبطأ. هذه المعطيات تؤكد على أهمية التركيز على سياسات دعم التوظيف وتعزيز المرونة الاقتصادية.
5. النمو الاقتصادي والإنتاجية والتوظيف خلال العقد الماضي
حقق الاقتصاد العالمي نموًا إجماليًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 33.5% بين 2014 و2024، لكن هذا النمو ترافق مع اختلافات إقليمية ملحوظة. على سبيل المثال، شهدت منطقة آسيا والمحيط الهادئ أعلى معدلات النمو بنحو 55%، مصحوبة بتحسن كبير في الإنتاجية مقارنة بالتوظيف، مما يعكس تحوّلًا نحو صناعات ذات كثافة رأس مالية أعلى وتوجه أكبر نحو الوظائف ذات المهارات العالية. في المقابل، اعتمدت مناطق مثل أفريقيا والدول العربية أكثر على زيادة التوظيف دون تحسن ملحوظ في الإنتاجية، ما يشير إلى تحديات في التنويع الاقتصادي وتحسين جودة الوظائف. كما تبرز أهمية زيادة تركيز السياسات على تطوير القدرات الإنتاجية وليس مجرد خلق فرص عمل.
6. العمل الرسمي وغير الرسمي: التحديات المستمرة في سوق العمل
يُظهر التقرير نموًا متسارعًا في العمالة غير الرسمية خلال العقد الماضي، حيث وصل عدد العاملين في الاقتصاد غير الرسمي إلى أكثر من 2 مليار شخص، يمثلون حوالي 58% من مجموع العمالة العالمية في 2024. بينما شهدت بعض المناطق مثل أوروبا تراجعًا في العمالة غير الرسمية، توسعت هذه الظاهرة بشكل ملحوظ في إفريقيا والدول العربية. هذا التوسع يطرح تحديات كبيرة أمام السياسات العمالية والتنموية، إذ تعني ارتفاع العمالة غير الرسمية ضعف حماية العمال، وقلة الأمان الوظيفي، وضعف حقوقهم الاجتماعية، مما يتطلب جهودًا مستمرة لتعزيز التحول نحو أسواق عمل أكثر رسمية وشمولية.
7. تراجع نصيب دخل العمال من الناتج المحلي الإجمالي وتأثيراته على التفاوت الاقتصادي
انخفض نصيب دخل العمال من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 0.6 نقطة مئوية بين 2014 و2024، حيث بلغ 52.4% في 2024 مقابل 53% في 2014، ما يعكس اتساع فجوة التفاوت الاقتصادي. هذا الانخفاض يعني أن العمال حصلوا على حصة أقل من ثمار النمو الاقتصادي، بينما ارتفعت حصة رأس المال. وبحسب التقديرات، لو بقي نصيب دخل العمال كما هو في 2014، لكان دخل العمال زاد بنحو 1 تريليون دولار عالميًا في 2024، بمعدل 290 دولارًا إضافيًا لكل عامل. ويعزى هذا الاتجاه إلى عوامل متعددة منها التغير التكنولوجي، والعولمة، وتغيرات هيكلية في سوق العمل، ويؤكد التقرير على أهمية تعزيز مؤسسات سوق العمل التي تدعم حقوق العمال وتساهم في توزيع أكثر عدلاً للدخل.
8. التحولات الهيكلية في التوظيف حسب المهارات ومستوى التعليم
شهدت تركيبة التوظيف العالمية تحولات كبيرة نحو زيادة نسب الوظائف ذات المهارات العالية، خاصة في البلدان ذات الدخل المرتفع حيث بلغت نسبة العاملين في هذه الفئة 44.3% في 2023، بزيادة واضحة مقارنة بعقد سابق. تعكس هذه التحولات تغييرات في متطلبات سوق العمل، وزيادة في التحصيل التعليمي، مع تباين ملحوظ بين البلدان، حيث لا تزال البلدان منخفضة الدخل تعتمد على الوظائف منخفضة ومتوسطة المهارة. كما يشير التقرير إلى تحسن في المستويات التعليمية للعمال مع استمرار تحديات في تطابق التعليم مع متطلبات الوظائف، حيث لا يتوافق مستوى تعليم أكثر من نصف العمال مع متطلبات وظائفهم.
9. مشكلة عدم تطابق التعليم مع متطلبات العمل
أوضح التقرير أن حوالي 52.3% من العمال في 59 دولة شملها التحليل لا يمتلكون تعليمًا يتناسب مع متطلبات وظائفهم، حيث انخفضت نسبة العمال غير المؤهلين تعليمياً بشكل كاف من 37.9% إلى 33.4% خلال العقد الماضي، بينما ارتفعت نسبة العمال الحاصلين على تعليم أعلى من اللازم من 15.5% إلى 18.9%. هذا الوضع يعكس تحديات في نظام التعليم والتدريب، حيث تبرز الحاجة إلى تحسين ملائمة البرامج التعليمية مع احتياجات سوق العمل، بالإضافة إلى تطوير مهارات قابلة للنقل والانتقال عبر المهن والدول، لضمان تحسين فرص العمل ورفع جودة التوظيف.
10. تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على سوق العمل
يبرز التقرير الذكاء الاصطناعي التوليدي كعامل متغير مهم في سوق العمل الحديث، مع توقع أن حوالي 24% من الوظائف معرضة لمستويات متفاوتة من التأثر بسبب تقنيات الذكاء الاصطناعي. وتشير البيانات إلى أن العمال في الوظائف متوسطة المهارة هم الأكثر عرضة للتأثير، تليها الوظائف عالية المهارة التي يشمل بعضها مهام يمكن أتمتتها بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، مثل المحاسبين ومطوري البرمجيات. رغم ذلك، لا يعني هذا بالضرورة اختفاء الوظائف، وإنما تحول طبيعة المهام، مع حاجة ملحة إلى سياسات تدعم التكيف مع هذه التغيرات لضمان الحفاظ على فرص عمل كريمة وشاملة للجميع في ظل التطورات التكنولوجية السريعة.