​​مفهوم الحضارة ومقوماتها بين سيد قطب ومالك بن نبي

​​مفهوم الحضارة ومقوماتها بين سيد قطب ومالك بن نبي
تسعى الأمة، منذ عقود طويلة، إلى تحقيق النهوض والتجدد الحضاري وبناء عمران راسخ. وقد أسهم عدد كبير من العلماء والمفكرين في إثراء هذا الحوار، مقدمين رؤى متعددة وزوايا تحليل متنوّعة. ويبرز ضمن أبرز المساهمين في الفكر النهضوي كلٌّ من سيد قطب ومالك بن نبي، اللذين قدّما تصوّرين مختلفين حول معنى الحضارة ومكوّناتها.
تتتبّع هذه الدراسة رؤية كل من قطب وبن نبي لمفهوم الحضارة وعناصر بنائها، وتحلّل أوجه التشابه والاختلاف بينهما على المستويات الفكرية والمنهجية والتطبيقية. وتعتمد الدراسة منهجًا تحليليًا استنباطيًا لفحص تصوّر كل مفكّر، كما توظّف إطارًا مقارنًا لإظهار نقاط الالتقاء والتباين بين رؤيتيهما.
وتكشف النتائج أنّ المفكّرَين يبتعدان عن استيراد النماذج الجاهزة، ويؤكدان ضرورة الجمع بين البعد الأخلاقي والبعد المادي بوصفهما أساسًا لبناء الحضارة. غير أنّ تركيزهما الفكري يتباين بوضوح؛ إذ يتجه قطب نحو مقاربة عقدية، بينما يقوم طرح بن نبي على البُنى الاجتماعية. أما على المستوى المنهجي، فيتسم خطاب قطب بطابع أدبي، فيما تتسم معالجة بن نبي بطابع علمي. وعلى الصعيد التطبيقي، يميل قطب إلى رؤية تغييرية ذات نزعة ثورية، في حين يقدّم بن نبي نموذجًا تفاعليًا حيويًا تبدو قابلية تطبيقه واقعية بصورة أكبر.