نص المحاضرة:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فإن لشهر رمضان المبارك نفحاتٍ إيمانيةً تتجلى في القلوب، وأنوارًا ربانيةً تتنزل على الأرواح، فترتقي بها إلى مدارج التزكية والصفاء، وهو موسم عظيم للتزود من معاني الإيمان، والارتواء من معين الهداية، واستلهام النور من كتاب الله العزيز، لنستلهم منه المعاني التي تهدينا في حياتنا، وتضيء دروبنا في ظلمات الفتن والتحديات.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فإن لشهر رمضان المبارك نفحاتٍ إيمانيةً تتجلى في القلوب، وأنوارًا ربانيةً تتنزل على الأرواح، فترتقي بها إلى مدارج التزكية والصفاء، وهو موسم عظيم للتزود من معاني الإيمان، والارتواء من معين الهداية، واستلهام النور من كتاب الله العزيز، لنستلهم منه المعاني التي تهدينا في حياتنا، وتضيء دروبنا في ظلمات الفتن والتحديات.
في هذا السياق، يسعدنا أن نجتمع بكم اليوم في هذه الأمسية الماتعة، ضمن سلسلة محاضرات مركز الصفا للدراسات الحضارية في شهر رمضان المبارك، لنكون معًا على موعد مع نور القرآن وهداه، في محاضرة بعنوان: "روح القرآن"، نستشرف من خلالها معاني الهداية واليقين، ونتأمل في الإشراقات العظيمة التي يفتحها لنا كلام الله عز وجل.
يسعدنا اليوم أن يكون معنا في هذا اللقاء العلمي المتميز الدكتور جاسم السلطان – حفظه الله – المفكر والاستراتيجي العربي، وصاحب البصمة المتميزة في الفكر النهضوي وإعداد القادة، والذي أرسى بعطائه الفكري ركائز عميقة في علوم التخطيط الاستراتيجي واستنهاض الأمم من خلال مشروعه الرائد في إعداد القادة.
نغتنم هذه الفرصة لنقدم شكرنا الجزيل لـ مركز الصفا للدراسات الحضارية على جهوده المتواصلة في إثراء الساحة الفكرية والعلمية بهذه البرامج الهادفة التي تضيء ليالي رمضان بنور المعرفة والوعي. فجزى الله القائمين عليه خير الجزاء، وبارك في سعيهم.
نرجو أن تكون هذه المحاضرة خطوةً أخرى في طريق الفهم العميق للقرآن الكريم ومعانيه، ونسأل الله أن ينفعنا وإياكم بها، وأن يجعلها زادًا نافعًا في حياتنا.
فمرحبًا بكم جميعًا، ومرحبًا بضيفنا الكريم الدكتور جاسم السلطان، ونبدأ – على بركة الله – محاضرتنا المميزة "روح القرآن"، فليتفضل مشكورًا مأجورًا.
نرجو أن تكون هذه المحاضرة خطوةً أخرى في طريق الفهم العميق للقرآن الكريم ومعانيه، ونسأل الله أن ينفعنا وإياكم بها، وأن يجعلها زادًا نافعًا في حياتنا.
فمرحبًا بكم جميعًا، ومرحبًا بضيفنا الكريم الدكتور جاسم السلطان، ونبدأ – على بركة الله – محاضرتنا المميزة "روح القرآن"، فليتفضل مشكورًا مأجورًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه.
لعل موضوع "روح القرآن" من أخطر المواضيع التي رغبت في الحديث عنها.
وإذا كان الإنسان يألف إجابةً مفادها أن روح القرآن هي قضية الإيمان، فإن فاعلية القرآن في الحياة تستلزم الشرط الأخلاقي، وهو ضرورة حية لتجسيد القرآن في حياة الأمة والبشرية. وسأحاول أن ألقي الضوء على هذا المعنى الكبير جدًا، وهو الشرط الأخلاقي الضروري لفاعلية الدين في حياة الناس وفاعلية القرآن في حياة المجتمعات.
وإذا كان الإنسان يألف إجابةً مفادها أن روح القرآن هي قضية الإيمان، فإن فاعلية القرآن في الحياة تستلزم الشرط الأخلاقي، وهو ضرورة حية لتجسيد القرآن في حياة الأمة والبشرية. وسأحاول أن ألقي الضوء على هذا المعنى الكبير جدًا، وهو الشرط الأخلاقي الضروري لفاعلية الدين في حياة الناس وفاعلية القرآن في حياة المجتمعات.
إذا نظرنا اليوم في المشهد الحي - أو ما يسمى "الصفيح الساخن" - وفتحنا وسائل التواصل الاجتماعي ورأينا أحوال الأمة الأخلاقية، وسأترك جانبًا أحوال غير المتدينين الذين ينشرون الفساد والانحلال، وأركز على الذين يظهر عليهم في الظاهر الاهتمام بالدين والمكانة الدينية؛ سنجد في قمة الهرم صراعاتٍ مريرةً تمزق الأمة بين أشاعرة وسلفيين، ومدخلية وإخوان مسلمين، وتبليغ، وغيرها من الجماعات والتصورات الإسلامية. هذا داخل البيت الواحد، بيت الإسلام الجامع لكل الناس، ناهيكم عن وجود السنة والشيعة والدروز وغيرهم من القوى الموجودة في الحياة الإسلامية.
هذا الصراع المرير بين هذه الفئات حالةٌ من حالات البيان الأخلاقي للأمة: أين وصلت الأمة في المستوى الأخلاقي داخل هذا الإطار؟
سنجد انخراط الشباب - الذين يظهر عليهم التدين والحماس للدين - في هذه الحوارات، فنرى شتائم بالأم وعبارات بذيئة، بحجة الدفاع عن الدين والذود عن حياضه، وكأن الدين سباق في التسفل: إذا كان الآخر سافلًا، يجب أن ننزل إلى مستوى أدنى منه حتى "نفوز" في هذا السباق!
سنجد انخراط الشباب - الذين يظهر عليهم التدين والحماس للدين - في هذه الحوارات، فنرى شتائم بالأم وعبارات بذيئة، بحجة الدفاع عن الدين والذود عن حياضه، وكأن الدين سباق في التسفل: إذا كان الآخر سافلًا، يجب أن ننزل إلى مستوى أدنى منه حتى "نفوز" في هذا السباق!
لم يكن الدين في نزوله سباقًا مع قريش في التسفل، ولم يكن سباقًا مع الأمم الأخرى في الانحطاط، بل جاء بالشرط الأخلاقي كأساس للمجتمعات الجديدة التي يدعو إليها.
إذن، "الصفيح الساخن" يدلنا على خطورة ما نعيشه اليوم في علاقة الإنسان المسلم بفهمه للدين، وعلاقته بالشرط الأخلاقي التأسيسي في الدين. هذا الجانب إذا فقده الإسلام، فقد روحه وفقد فاعليته، وعندها يستوي المؤمن والكافر، ومن يدّعي الدين ومن لا يدّعيه، الجميع في الحضيض، يتكلمون بنفس اللغة، ويمارسون نفس الممارسات، ولا يعود هناك معيارية يُقال: "نريد أن نعيش مثل هؤلاء".
إذن، "الصفيح الساخن" يدلنا على خطورة ما نعيشه اليوم في علاقة الإنسان المسلم بفهمه للدين، وعلاقته بالشرط الأخلاقي التأسيسي في الدين. هذا الجانب إذا فقده الإسلام، فقد روحه وفقد فاعليته، وعندها يستوي المؤمن والكافر، ومن يدّعي الدين ومن لا يدّعيه، الجميع في الحضيض، يتكلمون بنفس اللغة، ويمارسون نفس الممارسات، ولا يعود هناك معيارية يُقال: "نريد أن نعيش مثل هؤلاء".
عندما يغيب هذا الشرط الأخلاقي، يغيب الملاذ والمأوى للنفوس الصالحة والكريمة التي تبحث عن التسامي.
ولإعطاء الموضوع حقه، سأبدأ بمقدمة تحت عنوان "تقزّم المفاهيم"؛ لأن تقزّم المفاهيم قضية في غاية الخطورة، حدثت بالتدريج في الحياة الإسلامية، وغابت المفاهيم الحقيقية لصالح مفاهيم طارئة تراكمت عبر السنين، فحوّلت هذا الدين العظيم من مشروع إنساني شامل إلى شيء طائفي محدود لا يخص الإنسانية، بل يخص مجموعات متفرقة تحت عناوين ودعوات متعددة.
تقزّم المفاهيم أخطر ما حصل في الحياة الإسلامية؛ إذ لم نعد نستدعي المفاهيم بقامتها الحقيقية، بل أصبح لكل مفهوم "ظل" هو المعنى المتداول، وأصبح هذا الظل بديلاً عن الأصل.
سأبيّن هذا الموضوع بقدر ما أستطيع في هذه العجالة، من خلال بعض المفاهيم الأساسية التي أُسمّيها "المفاهيم المفتاحية"، لأنها تؤثر في وعي الإنسان المسلم عند استقباله الخطاب الديني.
أول قضية رئيسية تتعلق بمفهوم الأمة أو المجتمع: ما الذي نقصده به؟ إذا لم يكن هذا المعنى واضحًا، فسوف تضرب في العمق جميع المفاهيم الأخرى.
في القرآن الكريم لم ترد كلمة "مجتمع" بالمعنى المفصل المعاصر، بل وردت ألفاظ: الأمة، القوم، القرية، الجماعة، الناس، وأشهرها كلمة "أمة". وجذر الكلمة يدل على "القصد والاتجاه"، فكل مجموعة تتجه نحو فعل واحد أو غرض واحد تُسمى "أمة".
الأمة قد تجتمع على عنصر الدم أو الاعتقاد أو غيرهما، وقد مضى ذكرها في القرآن بمعانٍ متعددة. وفي سياق حديثي أستحضر ما أسميه "المنتظم الاجتماعي"، وهو البناء الذي يبدأ من الإيمان، ويشمل الشعائر، والسلوك، وقواعد الأخلاق، ثم الحقوق والمعايير، وصولًا إلى الأنظمة السياسية والاقتصادية والتعليمية والصحية والإعلامية.
الله سبحانه وتعالى يريد من المنتظم الاجتماعي للأمة أن يكون "شامة بين الأمم"؛ أي علامة مميزة فارقة في الجودة والسمو. قال تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر".
إذا كان المنتظم يحتوي على علامات الجودة في الدفاع، والحقوق، والمعايير، والسلوك، والنظام السياسي والاقتصادي، كان مثالًا للمعروف، وشامة بين الأمم. أما إذا فقد هذه العناصر، فقد فاعليته.
بعد ذلك ننتقل إلى بعض المفاهيم المرتبطة بالشرط الأخلاقي:
- المعروف: ما تستحسنه الفطرة السليمة والعقول الراجحة والشرع، ويشمل كل ما فيه خير ونفع وصلاح.
- المنكر: ما تنكره الفطرة والعقلاء والشرع، من الفساد والظلم والانحطاط.
المعروف والمنكر يشملان كل مستويات المنتظم الاجتماعي، لا جانبًا واحدًا فقط.
- الإحسان: الجمال والجودة والإتقان في كل شيء. قال ﷺ: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء". إذا دخل الإحسان في جميع مفاصل المنتظم الاجتماعي، ارتقى المجتمع وأصبح شامة بين الأمم.
- الثورة: ليست مجرد تغيير بسيط، بل انقلاب في العقول والتصورات نحو وعي جديد، وهو ما نحتاجه اليوم بسبب حجم الخلل الهائل.
- التقوى: الحماية والوقاية والحذر، أي وعي الإنسان بما يجب أن يتجنبه في الدنيا والآخرة، وعلاقة ذلك بالسلوك العملي في حياته.
إذا حررنا هذه المفاهيم وأعدنا لها معناها القرآني الأصيل، أمكننا إدراك روح القرآن، أي فاعليته في المجتمع.
اليوم، عند النظر إلى المجتمعات الإسلامية في السياسة والاقتصاد والتعليم والنظافة والصحة والأخلاق، نجد القرآن عظيمًا في ذاته، لكن فاعليته في حياتنا ضعيفة؛ لأننا فقدنا المشروع الأخلاقي الذي هو قلب القرآن.
الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله – لخص محاور القرآن في خمسة:
-
التوحيد.
-
النظر في الكون المسخر.
-
القصص القرآني كوعاء للأفكار الكبرى.
-
البعث، ليشعر الإنسان بالمسؤولية.
-
التشريعات لتنظيم الحقوق والواجبات.
كل هذه المحاور تهدف إلى غرس التقوى التي تقود إلى الإحسان. وإذا غابت التقوى والإحسان، غابت معية الله، قال تعالى: "إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" (النحل: 122).
الإحسان لا يقتصر على الصدقة والعطف على الفقراء، بل يشمل القوة والعزة والكرامة والبناء، وكل ما يحقق الرفعة للأمة.
الخلاصة: روح القرآن هي مشروع التقوى ومشروع الإحسان، وهما الشرط الأخلاقي الذي إذا غاب، فقد الدين روحه وفقدت الأمة فاعليتها.
ختام المحاضرة
نشكر ضيفنا الكريم الدكتور جاسم السلطان - حفظه الله - الذي أثرى عقولنا بفكره العميق ونظرته الثاقبة في معاني القرآن وهديه، مع مشروع التقوى ومشروع الإحسان. كما نشكر مركز الصفا للدراسات الحضارية على جهوده المباركة في تقديم هذه المحاضرات الهادفة خلال شهر رمضان، سائلين الله تعالى أن يجزي القائمين عليه خير الجزاء، وأن يجعل هذه المجالس منارات نور وعلم وإيمان.
نشكر ضيفنا الكريم الدكتور جاسم السلطان - حفظه الله - الذي أثرى عقولنا بفكره العميق ونظرته الثاقبة في معاني القرآن وهديه، مع مشروع التقوى ومشروع الإحسان. كما نشكر مركز الصفا للدراسات الحضارية على جهوده المباركة في تقديم هذه المحاضرات الهادفة خلال شهر رمضان، سائلين الله تعالى أن يجزي القائمين عليه خير الجزاء، وأن يجعل هذه المجالس منارات نور وعلم وإيمان.
شكرًا لكم أيها الإخوة والأخوات على حسن استماعكم وتفاعلكم، ونسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته.
نلقاكم قريبًا في لقاءات قادمة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نلقاكم قريبًا في لقاءات قادمة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.