يتحدث إليكم...

يتحدث إليكم...
     في زمن التضخّم المعلوماتي والمعلومات المتاحة بين أيدي الجميع، سواء كانوا طلبة علم، أو طلاب تصدّر، أو من يتسلّقون على العلوم، أصبح الوصول إلى المعرفة أسرع وأسهل من أي وقت مضى. وبوجود الذكاء الاصطناعي، صار بالإمكان تحضير درس، أو إعداد بحث، أو إدارة مناظرة، أو الحصول على أفكار، بل واستعراض معلومات لم يكن الوصول إليها ممكنًا سابقًا. يظن البعض أن المعرفة كلها باتت في متناول اليد، وأن الجهد البشري لم يعد ضرورة.
     لكن، في زحمة هذا التضخّم المعلوماتي، لا بد من تذكّر حقيقة أساسية: الذكاء الاصطناعي لن يكون أبدًا بديلاً عن معلم قدوة، أو مختص أمين، أو مؤثر يتقن التواصل مع الناس، أو مُلهم يكتب بمداد قلبه وعقله. فالكلمات التي تنبض بفكر ووعي، وتتذوّق الوجدان لفكرة أسلم صاحبها نفسه لله، تأتي من سهر الليالي وتنقيح العلوم، واستعداد الإنسان لبذل الثمن في سبيل إعلاء المعرفة، استعدادًا لمشهد "يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ".
     لقد شهدت ميادين التعليم والعمل تأثير الذكاء الاصطناعي بشكل واضح. فالبعض صار يعتمد عليه لإعداد واجباته، أو كتابة مقالاته، أو حتى إدارة مناظراته. وفي المجال الطبي، تُستخدم روبوتات لإجراء جراحات دقيقة، أحيانًا عن بُعد عبر شبكات عالية السرعة. هذه الروبوتات تُطبّق في مستشفيات حقيقية في إجراءات متعددة التخصصات، بما فيها جراحة المناظير.
     ويقول د. عبد الكريم بكار: "بعض الناس الآن يتكلمون مع روبوتات دردشة الذكاء الصناعي أكثر مما يتكلمون مع أصدقائهم الحقيقيين!"، وهو تحذير من أن نصبح غرباء ونحن مجتمعون.
مع كل هذا التطور، يبقى الثابت أن القيم، والقدوة، والخبرة الإنسانية، والضمير الأخلاقي لا يمكن لأي آلة أن تحل محلها. فالذكاء الاصطناعي يسهل المهمات، لكنه لا يحتضن التجربة، ولا يمنح القارئ أو المتعلّم شعور الإلهام، أو القدرة على التأمل، أو إدراك قيمة العمل والاجتهاد.
      لذلك، يبقى السؤال المحوري: كيف نحافظ على إنسانيتنا في عالم رقمي سريع؟ وكيف نستفيد من الذكاء الاصطناعي دون أن نفقد جوهرنا الإنساني؟ الجواب يكمن في التوازن: أن نكون متابعين للتقنية، متقنين لا متوهمين، وأن نحتفظ دومًا بقيمنا، وقدوتنا، والتأثير الذي يزرعه إنسان في إنسان آخر.
#الذكاء_الاصطناعي أداة عصرية يحسن مواكبتها #لكن_احذر أن تفقد شيئًا من إنسانيتك