النهضة لا تُنتظر... بل تُصنع

النهضة لا تُنتظر... بل تُصنع
في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتشابك فيه المصالح، من المؤسف أن نجد كثيرًا من الشعوب العربية والإسلامية، بل وحتى بعض النخب الفكرية، يعلّقون آمالهم على "مخلّص" خارجي، أو ينتظرون انهيار مستبد، أو يراهنون على انقسامات داخلية كي تستعيد الأمة مجدها.
هذا النمط من التفكير الاتكالي لا يصنع نهضة، بل يكرّس التبعية والجمود. فالأمم لا تنهض إلا حين تدرك أن القوة الحقيقية تكمن في الإنسان، في العقل والإرادة، وفي استثمار الطاقات الكامنة داخل كل فرد من أفراد المجتمع. النهضة لا تُستورد، بل تُبنى من الداخل، عبر تفعيل دور كل شريحة في ميدانها وتخصصها.
وقد لاحظنا مؤخرًا موجة الفرح التي اجتاحت مواقع التواصل عقب فوز ممداني، وهو شعور مفهوم ومشروع؛ فالأمة تتوق إلى لحظة انتصار، ولو رمزية. لكن تحويل هذا الفوز إلى أمل لحل مشكلاتنا هو ضرب من الأماني. فممداني لم يفز لأنه مسلم أو اشتراكي فقط، بل لأنه قدّم برنامجًا اقتصاديًا واقعيًا أقنع جمهوره بقدرته على تلبية احتياجاتهم.
هذا الفوز، في جوهره، يُفنّد نظرية المؤامرة التي لطالما علّقت فشلنا على الآخر، ويكسر سردية الضحية التي استهلكناها لعقود. إنه تذكير بأن التغيير لا يأتي من الخارج، بل من الداخل، من الفكر والوعي، من التخطيط الاستراتيجي والنظر للمستقبل بثقة وعقلانية.
إن النهضة الحقيقية لا تتحقق إلا حين نعيد الاعتبار للعلم، للعقول، وللعمل الجاد. حين نكفّ عن انتظار المعجزات، ونبدأ بصناعة واقع جديد، خطوة بخطوة، بثبات وإصرار.