أهمية التساند بين الأنساق لبناء دولة فعّالة ومتقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
ها نحن في المحطة الثالثة عشرة أو الدرس الثالث عشر في فهم تعقيد موضوع الدولة.
سأتحدث هنا عن التساند بين الأنساق وأهميته.
ها نحن في المحطة الثالثة عشرة أو الدرس الثالث عشر في فهم تعقيد موضوع الدولة.
سأتحدث هنا عن التساند بين الأنساق وأهميته.
مفهوم الدولة كنظم متساندة
لقد ذكرنا أن الدولة مكوّنة من نظم، سواء كانت كنظام جزئي أو كنظام كلي، وهذه النظم عبارة عن أجزاء متناغمة مع بعضها البعض.
أضرب دائمًا مثالًا بالسيارة: يمكن للإنسان أن يملك جميع قطع غيار السيارة — البطارية على الرف، العجلات على الرف، الشاصي على الرف، الصواميل على الرف، المقود على الرف — وكل شيء متوفر.
فهل يمكن القول إنه يملك سيارة؟ بالطبع، ما دام الأمر على هذا النحو، فإن ما لديه مجرد قطع غيار، حتى وإن كانت من أجود الماركات، فهي لا تسمى سيارة إلا إذا تم تركيب الأجزاء معًا بشكل متقن يؤدّي الوظيفة المطلوبة.
لقد ذكرنا أن الدولة مكوّنة من نظم، سواء كانت كنظام جزئي أو كنظام كلي، وهذه النظم عبارة عن أجزاء متناغمة مع بعضها البعض.
أضرب دائمًا مثالًا بالسيارة: يمكن للإنسان أن يملك جميع قطع غيار السيارة — البطارية على الرف، العجلات على الرف، الشاصي على الرف، الصواميل على الرف، المقود على الرف — وكل شيء متوفر.
فهل يمكن القول إنه يملك سيارة؟ بالطبع، ما دام الأمر على هذا النحو، فإن ما لديه مجرد قطع غيار، حتى وإن كانت من أجود الماركات، فهي لا تسمى سيارة إلا إذا تم تركيب الأجزاء معًا بشكل متقن يؤدّي الوظيفة المطلوبة.
أهمية التركيب في النظم
فكرة تركيب الأشياء مع بعضها في غاية الأهمية، وهي مرتبطة بمفهوم التفكير بالنظم (System Thinking).
كل مخرج من مخرجات جزء يصب في جزء آخر، ليعمل بكفاءة، ثم يصب في جزء ثالث، حتى تتحقق النتيجة الأساسية: تحرك المحرك بالسيارة نحو الأمام، ونتقدم نحو الأهداف.
فكرة تركيب الأشياء مع بعضها في غاية الأهمية، وهي مرتبطة بمفهوم التفكير بالنظم (System Thinking).
كل مخرج من مخرجات جزء يصب في جزء آخر، ليعمل بكفاءة، ثم يصب في جزء ثالث، حتى تتحقق النتيجة الأساسية: تحرك المحرك بالسيارة نحو الأمام، ونتقدم نحو الأهداف.
الدول وأنواع النظم
الدول نوعان:
الدول نوعان:
نظم ذات تنظيم داخلي عالي الكفاءة بين الأجزاء.
نظم تمتلك أفضل الأجزاء، لكنها لا تُحسن تركيبها، فتظل في دائرة التخلف وضعف الفاعلية.
على سبيل المثال: لا فائدة من وجود أفضل نظام تعليمي في العالم إذا كانت الأسرة لا تقوم بالتنشئة المناسبة للطفل قبل دخوله المدرسة. فإذا قصرت الأسرة، اضطرت المدرسة إلى خفض مستواها لتستقبل الطفل، وهذا يؤدي إلى خفض مستوى الإعدادية، ثم الثانوية، ثم الجامعة، وصولًا إلى مستوى الدولة بأكملها.
الخلل في دول الوفرة
هذه الإشكالية أكثر وضوحًا في دول الوفرة، مثل بعض الدول النفطية: الجزائر، دول الخليج، ليبيا وغيرها.
هذه الدول تملك وفرة مالية من ثروات باطن الأرض، لكن السؤال: هل أحسنت ترتيب الماكينة معًا؟
أي هل تم تناغم:
النظام الاعتقادي، النظام الطقوسي، نظام المعايير والأخلاق، نظام الدفاع، نظام الحقوق، نظام الجودة، نظام التعليم، نظام الإعلام، نظام الصحة، نظام البنية التحتية، والنظام القانوني والتشريعي… بحيث تكون النتيجة دولة متقدمة؟
أم أن ما حدث هو جمع أجزاء جيدة، دون إحسان التركيب، فغابت النتيجة المطلوبة؟
هذه الإشكالية أكثر وضوحًا في دول الوفرة، مثل بعض الدول النفطية: الجزائر، دول الخليج، ليبيا وغيرها.
هذه الدول تملك وفرة مالية من ثروات باطن الأرض، لكن السؤال: هل أحسنت ترتيب الماكينة معًا؟
أي هل تم تناغم:
النظام الاعتقادي، النظام الطقوسي، نظام المعايير والأخلاق، نظام الدفاع، نظام الحقوق، نظام الجودة، نظام التعليم، نظام الإعلام، نظام الصحة، نظام البنية التحتية، والنظام القانوني والتشريعي… بحيث تكون النتيجة دولة متقدمة؟
أم أن ما حدث هو جمع أجزاء جيدة، دون إحسان التركيب، فغابت النتيجة المطلوبة؟
النسق المتكامل في الدول المتقدمة
في الدول المتقدمة، نجد أن الأسرة ترفد المدرسة بشكل طبيعي، والمدرسة الابتدائية تؤسس الإنسان بطريقة صحيحة لينتقل للإعدادية، ثم الثانوية، ثم الجامعة أو المسار المهني، وصولًا إلى سوق العمل أو الإدارة الحكومية، ثم المراكز البحثية، فالجيش، فالشركات الاقتصادية الكبرى.
هذا المنتظم حين يعمل معًا، ينتج ما نطلق عليه النسق المتكامل، حيث تصب الأجزاء في بعضها البعض.
في الدول المتقدمة، نجد أن الأسرة ترفد المدرسة بشكل طبيعي، والمدرسة الابتدائية تؤسس الإنسان بطريقة صحيحة لينتقل للإعدادية، ثم الثانوية، ثم الجامعة أو المسار المهني، وصولًا إلى سوق العمل أو الإدارة الحكومية، ثم المراكز البحثية، فالجيش، فالشركات الاقتصادية الكبرى.
هذا المنتظم حين يعمل معًا، ينتج ما نطلق عليه النسق المتكامل، حيث تصب الأجزاء في بعضها البعض.
الرؤية الحاكمة وقياس المخرجات
الأساس في الموضوع هو وجود الرؤية الحاكمة لشكل المجتمع المطلوب، ثم تركيب بقية أجزاء المجتمع للقيام بهذه الوظيفة، ثم معايرة المنتجات النهائية لمعرفة مدى ملاءمتها لتحقيق الرؤية المنشودة.
هذه العملية المعقدة هي ما يميز النظم الفاعلة في العالم، رغم بساطة المفهوم، إلا أنه يغيب أحيانًا عن الأذهان.
الأساس في الموضوع هو وجود الرؤية الحاكمة لشكل المجتمع المطلوب، ثم تركيب بقية أجزاء المجتمع للقيام بهذه الوظيفة، ثم معايرة المنتجات النهائية لمعرفة مدى ملاءمتها لتحقيق الرؤية المنشودة.
هذه العملية المعقدة هي ما يميز النظم الفاعلة في العالم، رغم بساطة المفهوم، إلا أنه يغيب أحيانًا عن الأذهان.
الفارق بين الدول في الأداء
عندما نقول إن سنغافورة متقدمة على دولة مجاورة، فإن المقصود أنها أحسنت بناء النسق الكلي، وبالتالي أصبح أداؤها أكثر كفاءة من الأخرى.
وهكذا يتشكل الهرم العالمي في ترتيب الدول حسب كفاءة الفاعلية، تبعًا لحسن تركيب الأجزاء وتناغمها.
عندما نقول إن سنغافورة متقدمة على دولة مجاورة، فإن المقصود أنها أحسنت بناء النسق الكلي، وبالتالي أصبح أداؤها أكثر كفاءة من الأخرى.
وهكذا يتشكل الهرم العالمي في ترتيب الدول حسب كفاءة الفاعلية، تبعًا لحسن تركيب الأجزاء وتناغمها.
الخطر في الشكل دون المضمون
أخطر ما في هذه الظاهرة هو الاكتفاء بالشكل الخارجي، واقتناء أفضل "قطع الغيار" دون العناية بحسن التركيب والتنسيق، ودون قياس المخرجات النهائية للمجتمع والدولة.
أخطر ما في هذه الظاهرة هو الاكتفاء بالشكل الخارجي، واقتناء أفضل "قطع الغيار" دون العناية بحسن التركيب والتنسيق، ودون قياس المخرجات النهائية للمجتمع والدولة.
وإلى لقاء قادم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.