لتحميل الكتاب وقراءته، الرجاء النقر هنا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فإني لا أستطيع أن أخفي اغتباطي وسروري بهذا الوعي المتنامي لدى كثير من الناس بأهمية العودة إلى الأسرة بوصفها المحضن الأساسي لتربية الأجيال، وبوصفها المنبع الكبير للطمأنينة والسعادة والاستقرار.
شيء عظيم جداً أن يشعر الناس أننا نتعرض لغزو ثقافي ناعم في شكله، لكنه جبار ومخيف في مضامينه ونتائجه، وشيء عظيم جداً أن يشعر الناس بأنهم مسؤولون عن حماية أبنائهم، وعن إعدادهم للمستقبل، وأن يبذلوا الكثير من الوقت والمال والجهد في سبيل ذلك.
هذا كله مبعث سرور لي ولكم أيضاً، لكن من الواضح أن لدينا نوعاً من الفقر والعوز في فهم المبادئ والأساليب والوسائل التي يمكن أن تساعدنا في القيام بواجباتنا ومهماتنا الأسرية، إن كثيرين منا يخططون على نحو جيد لبيت الزوجية، ويبذلون جهوداً مقدرة في الإنفاق على أولادهم، وتوفير بيئة جيدة لنموهم وراحتهم، لكن الذين يحاولون امتلاك ثقافة تربوية جيدة قليلون جداً، وهم في العادة لا يلجأون إلى المستشارين إلا حين تقع في بيوتهم مشكلة كبرى، أو حين يشعرون أن أبنائهم سلكوا طريق الانحراف، وبدأوا يخرجون عن سيطرتهم.
نحن في هذه الرسالة نود أن نقدم بعض المفاهيم والآليات والأساليب التي تساعد الأسرة على التواصل فيما بينها؛ لأن التواصل هو الذي يمكنها بعد توفيق الله – تعالى – من أن تكون أسرة متفاهمة ومترابطة وناجحة، وسنكون مغبونين إذا وجدنا أسرنا تذوب بين أيدينا، مع أن هناك الكثير من الكتب والخبرات التي تساعدنا على الحفاظ بها خيرَة وسعيدة وقوية.
وقد حاولت أن يشكل هذا العمل إضافة جيدة لما هو متداول من آداب التربية بين الآباء والأمهات، وبما أن الخطاب هنا موجّه إلى شريحة واسعة جداً، وفيها المتعلم ونصف المتعلم... فقد سعيت إلى أن تكون تعبيراتي سهلة وميسرة، قدر الإمكان، لكن التعبير بلغة مبسطة جداً عن معانٍ لها بُعد فلسفي يشكل نوعاً من الخيانة لتلك المعاني، وعلى كل حال؛ فإن محدودية إمكانات الإنسان – مهما كان – لا تسمح له بأن يكتب كتاباً لكل الأجيال والأزمان والطبقات، ولذا فإن محاولاتنا في هذا الشأن ستظل فجّة وناقصة، ولكن حسبي بذل الجهد، وأنني أسدد وأقارب قدر الاستطاعة.
والله المرجى والمستعان، ومنه الهداية والتوفيق، وعليه التكلان.
أ. د. عبد الكريم بكار
الرياض في 11/7/1429هـ