هل ما زال المنهج العلمي حكرًا على المواد الدراسية، أم أصبح جزءًا من حياتنا اليومية؟

هل ما زال المنهج العلمي حكرًا على المواد الدراسية، أم أصبح جزءًا من حياتنا اليومية؟
اليوم سنتحدث عن موضوع المنهج العلمي.
لقد تحدثت عنه سابقًا، لكن عادةً عندما نتكلم عن المنهج العلمي يخطر في بال الإنسان بسهولة أنه متعلق بالكيمياء والفيزياء، وهذه هي المجالات التي يُستخدم فيها المنهج العلمي، حيث نفحص الطبيعة.
عندما كنا في المدرسة أيام زمان، كانوا يقولون لنا: "عندنا أول قضية رئيسية كبيرة جدًا، وهي أنك لديك الملاحظة، ثم تعمل فرضيات، ثم تجارب، ثم تستخلص خلاصات، ثم تصنع قانونًا، ثم تطبّق هذا القانون."
هذا ينطبق على الكيمياء والفيزياء والأشياء المادية التي نختبرها في المعمل.
هل صحيح أن المنهج العلمي الآن يخص فقط المعامل والأشياء التي تُبحث فيها؟ أم أن جوهر المنهج العلمي الأساسي الكبير مرتبط بقضية الحياة بشكل عام، مثل الاجتماع والسياسة والاقتصاد ومواضيع القيم؟ هل هذه الأمور داخلة في المنهج العلمي أم لا؟ هذا سؤال كبير جدًا.
في الحقيقة، المنهج العلمي دخل كل جوانب الحياة.
دعني أضرب مثالًا بواقعنا في مجتمعاتنا.
نحن مجتمعات كثيرة تتكلم عن القيم، مثل الصدق، الأمانة، قيم العائلة، والكثير من الأمور الأخرى.
كثير منا يقول: "طيب، عندنا خطب كثيرة تتكلم عن الصدق، وإذا سألت أي إنسان في البيئة هل الصدق أفضل أم الكذب؟ سيقول لك: الصدق." وإذا سألت عن العمل، هل الاتقان في العمل أفضل أم عدم العمل؟ وعن الاحترام، هل الاحترام مهم؟ سيقول لك: الاحترام.
فلماذا في واقعنا العملي لا نرى هذه القيم رغم أننا نتكلم عنها؟
هذا الموضوع جزء من الكلام في العلم، بمعنى أننا اكتشفنا بوادر ظاهرة.
هناك ظاهرة في المجتمع تتمثل في انفصال بين القيم التي نتحدث عنها وبين التطبيق.
إذا اكتشفنا ظاهرة، نلاحظها، ثم نضع فرضية للأسباب المحتملة.
هل الناس لديهم صورة خاطئة عن الصدق؟ أم يرون أن المجتمع كله لا يؤمن بالصدق؟ فلماذا يصدق الإنسان؟
ما هي الأسباب المختلفة لعدم الصدق؟ عندها يمكن عمل استبانات ودراسات، كما يُعمل في المختبر، وتجارب، بالإضافة إلى الاستبانات والمقابلات والعيش داخل الظاهرة والنقاش مع الناس، التي تعطينا معلومات ومعارف.
هذه المعلومات والمعارف، بعد جمعها ودراستها، تكون لنا حلول وإجابات محتملة للسؤال: لماذا الناس تختلف في تطبيق العلم وتطبيق المعرفة وتطبيق الأخلاق عن الكلام عن الأخلاق؟
عندها نستطيع أن نعمل معالجات في مناهج التربية، في مناهج الأسرة، وفي مناهج الإعلام، لكي نحل المشكلة الموجودة.
إذاً المنهج العلمي ليس فقط متعلقًا بالكيمياء والفيزياء والأشياء التي تدرس في المعامل والمختبرات.
أصبحت الحياة كلها مختبرًا كبيرًا تتم فيه الدراسات.
دعني أضرب مثالًا بالمثال يتضح المقال اليوم: كيف عرف الشخص أن البنطلون الممزق يمكن أن يُباع أغلى من البنطلون الجديد والجيد؟ أو الملابس التي شكلها غريب قد تُباع أغلى من الملابس المرتبة والمنظمة؟
بالاختبار على نفسية الناس، عندما درست عملية التسويق وكيف يتأثر الناس بالدعاية، استطعنا توظيف هذه المعلومات لنخترق عقولهم ونبيع لهم أشياء ما كان يخطر في عصر من العصور أن هذا الإنسان قد يشتريها.
إذا استمر الحال، سنجد أنفسنا أمام هذا النوع من الدراسات.
هذا النوع من الأمور متعلق بالعلم.
فالعلوم ليست فقط في المختبر، الحياة أصبحت كلها مختبرًا ونحن ندرس، والبيئة تدرس، والعالم كذلك.
إذا لم نقتنع بهذه القضية، فلن نستطيع الانتقال إلى عصر علمي جديد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.