منظومتنا القيمية: هل نحن بحاجة إلى إعادة التعرّف عليها؟

منظومتنا القيمية: هل نحن بحاجة إلى إعادة التعرّف عليها؟
منذ أحداث السابع من أكتوبر والتساؤل حول أخلاقيات وقيم الحضارة الغربية أصبح تساؤلًا ملحًا يدعو لإعادة النظر بالمنظومة الغربية الأخلاقية للإنسان وحقوقه، حيث قيمة الإنسان واستحقاقه للحقوق يتغير تبعًا لموقعه الجغرافي. 
في حوارنا مع المفكر الدكتور جاسم السلطان، نناقش تساؤلات كبرى:
هل منظومة القيم الغربية التي تروج لها الحضارة الغربية حقًا عالمية؟ 
وهل يحق لنا أن نطالب بالعدالة من خلال قيم الآخر؟
وكيف ينبغي علينا إعادة التعرّف على منظومتنا القيمية لتحقيق العدالة التي نرجو؟
المحاور: 
00:00 المقدمة
06:30 السابع من  أكتوبر وتغيّر القيم
11:19 منظومة القيم الغربيّة
17:03 منظومتنا القيميّة
20:50 مفهوم القيم
26:55 ترتيب القيم
27:38 المناظير الثمانيّة
37:24 شمولية الدين والواقع
52:34 أزمة قياس القيم
59:38 فلسفة د. جاسم
1:03:35 تاريخ النهضة الإسلامية
1:15:56 الفرق بين المنظومات القيميّة
1:26:27 هل يجب علينا التنازل عن منظومتنا؟
1:32:53 الثابت والمتغير
ملخص شامل: 
1. الأزمة القيمية في المجتمعات الإسلامية
يبدأ الدكتور جاسم السلطان البودكاست بتوضيح أزمة القيم التي تعيشها المجتمعات الإسلامية، موضحًا كيف بقيت قيم الإسلام الكبرى "أجنة" لم تكتمل وتنمو في ضمير الناس، رغم وجودها نظريًا في النصوص. هذه القيم، مثل الحشمة، والعدل، والمثابرة، لم تتحول إلى أفعال وممارسات يومية ملموسة، مما أدى إلى فجوة كبيرة بين النظرية والتطبيق. ويركز على أهمية الانتقال من مجرد الوعي بالقيم إلى بناء منظومة عملية تترجم هذه القيم إلى سلوكيات وأطر تنظيمية داخل المجتمع، وإلا ستظل القيم مجرد شعارات بلا أثر حقيقي. ويشير إلى أن غياب هذه الترجمة هو ما يضعف مكانة المجتمعات الإسلامية في مواجهة التحديات العالمية.
2. النقد البنّاء للحضارة الغربية ونقد الذات
يناقش الدكتور جاسم العلاقة المعقدة مع الحضارة الغربية، مبينًا أن هناك نقدًا تاريخيًا وعلميًا داخل الحضارة الغربية نفسها يُبرز عيوبها، مثل الكيل بمكيالين، والتدخل الاستعماري، والتناقض بين القيم النظرية والتطبيق. في الوقت ذاته، لا ينكر الدكتور أن هناك جوانب إيجابية أثرت في العالم، لكن التأثير الغربي ارتبط بفهم معقد يجب أن يُدرس بموضوعية ووعي. يوضح أن الانبهار بالغرب دون فهم نقدي يحجب الفرصة للإصلاح الداخلي والتجديد الحضاري الإسلامي. ويشدد على ضرورة الاستفادة من نقاط القوة مع الوعي بالعيوب من دون تعصب أو رفض مفرط.
3. مفهوم القيم وخصائصها المعيارية
يفصل الدكتور جاسم في تعريف القيم، باعتبارها معايير تقويمية تحكم السلوكيات في المجتمع. تشرح الفقرة أن القيم ليست مجرد أفكار مجردة، بل هي أنظمة معيارية تحدد ما هو صحيح أو خاطئ، مقبول أو مرفوض في السلوك، وتؤثر على الحكم على الأفعال الفردية والجماعية. يعرض مثالًا عمليًا من داخل الصفوف الدراسية، حيث تصويت الأغلبية على قبول الغش كقاعدة، موضحًا كيف يؤدي ذلك إلى انهيار منظومة القيم ويهدد استقرار المجتمع بأكمله، لأن القيم إذا ما فقدت مكانتها المعيارية تتفكك معها بنية المجتمع.
4. المناظير الثمانية كأُسس للتقدم الاجتماعي
يقدم الدكتور جاسم مفهوم "المناظير الثمانية" التي تشكل خارطة لأي مجتمع، وهي نظرات فلسفية أساسية حول الإنسان، والطبيعة، والعلوم، والوقت، والدين، والمواطنة، والعلاقة بالأمم الأخرى. هذه المناظير تحدد مدى تقدم أو تخلف المجتمع، وتركيزها على الكرامة الإنسانية والحقوق يجعل منها أدوات أساسية لفهم الواقع الاجتماعي. يشرح كيف أن المجتمعات التي ترتكز على هذه المناظير بنضج فلسفي تكون أكثر قدرة على تحقيق التنمية والتقدم، بينما المجتمعات التي تفتقد هذه الرؤية تعاني من تخلف وضعف في مؤسساتها.
5. الدين كمحفز للفاعلية الاجتماعية والسياسية
يناقش البودكاست دور الدين كقوة دافعة للفاعل الإيجابي داخل المجتمع، مفرقًا بين رؤية الدين التي تدفع إلى العمل والبناء، ورؤية الانسحاب والجمود. يؤكد الدكتور جاسم أن الدين يجب أن يكون محركًا للفعل لا عائقًا له، وأن الغياب الفعلي للدين كمنهج للحياة يؤدي إلى ضعف التماسك الاجتماعي وانحسار القيم. كما يتطرق إلى ظاهرة استغلال الدين في السياسة، حيث يستخدم كأداة للسيطرة بدلًا من تحفيز الإصلاح والتجديد.
6. المقاومة الداخلية للتحول والتحديث
يُبرز الدكتور جاسم كيف أن المجتمعات الإسلامية تعاني من مقاومة داخلية غير واعية للتحول والتحديث، التي تنبع من خوف من فقدان الهوية أو التراث. يوضح أن هذه المقاومة ليست جديدة، وأنها تكررت عبر التاريخ، وعرقلت مسيرة الإصلاح. ويربط ذلك بصراعات تاريخية بين قوى التغيير وقوى المحافظة، مشيرًا إلى أهمية تجاوز هذه المقاومة عبر وعي جماعي يمكّن المجتمعات من التقدم بدون انكار هويتها.
7. أهمية التعليم والتنشئة القيمية المبكرة
يشدد الدكتور على أن بناء منظومة قيمية متماسكة يبدأ من الأسرة والمدرسة، حيث ينبغي تأصيل القيم بشكل عملي من خلال التنشئة والتدريب المستمر. يعرض تجارب لبعض الدول مثل اليابان والصين التي بنت نظم تنشئة اجتماعية قوية قائمة على الإحسان والاتقان والنظام، مقارنة بالوضع في المجتمعات العربية التي تعاني من تفكك في هذه البنى، مما يؤدي إلى ضعف التفاعل الاجتماعي وتراجع الأداء العام. يؤكد أن غياب برامج تربوية منظمة هو سبب رئيسي في عدم ترسيخ القيم.
8. تحول القيم من أفكار إلى أفعال ملموسة
يناقش البودكاست كيف أن القيم تمر برحلة تحول من كونها مجرد أفكار نظرية إلى أفعال ملموسة عبر ثلاثة مراحل: الفهم الفلسفي العميق، انتشار القيم داخل المجتمع، ثم بناء نظم وآليات لفرض احترام هذه القيم. يوضح أن الانقطاع في أي مرحلة يؤدي إلى تعثر المجتمع، وأن القيم تحتاج إلى آليات اجتماعية وقانونية لتعزيزها وحمايتها من الانتهاك.
9. التوازن بين الأصالة والمعاصرة
يطرح الدكتور جاسم نقاشًا مهمًا حول العلاقة بين الأصالة والتراث من جهة، والمعاصرة والتجديد من جهة أخرى. يشير إلى أن المجتمعات الإسلامية لم تستطع حتى الآن إيجاد "المنطقة الوسط" التي تجمع بين احترام التراث والتفاعل مع الحداثة بشكل متوازن، مما أدى إلى حالة من الحيرة والتردد. يقترح ضرورة فهم متعمق للفلسفة الإسلامية التي تسمح بالتحول والتكيف، بدلاً من رفض التطوير أو التبعية الأعمى.
10. دور الفكر في بناء مشروع النهضة الحضارية
ينهي الدكتور الحديث بتأكيد دور الفكر الواعي والمستنير في صياغة مشروع نهضة حضارية حقيقية، مبني على القيم الإسلامية النبيلة لكنها مترجمة إلى استراتيجيات علمية ومجتمعية. يؤكد أن النهضة تحتاج إلى مشروع فكري متكامل يوازن بين الدين والعلم، ويركز على الإنسان كقيمة مركزية، مع العمل على رفع مستوى الوعي الفردي والجماعي، وتهيئة بيئة مؤسساتية تُمكّن هذا المشروع من الازدهار والانتشار.